You are currently viewing مظلومية الزهراء عليها السلام  ( القسم الاول)

مظلومية الزهراء عليها السلام  ( القسم الاول)

مظلومية الزهراء عليها السلام

 ( القسم الاول)

اللجنة الثقافية لاهل البيت عليهم السلام

 تعريب الشيخ جاسم المحمودي

الحمدللَّه رب العالمين والصلاة والسلام علی سيّدنا ونبيّنا محمّد وآله الطاهرين لا سيما ابنته سيدة نساء العالمين السيدة الجليلة ذات الاحزان الكثيرة في مدة قليلة المظلومة المغضوبة المضطهدة المقهورة الصديقة الشهيدة الانسية الحوراء فاطمة الزهراء÷ واللعن الدائم على أعدائهم ومخالفيهم ومعانديهم وظالميهم وغاصبي حقوقهم من الأوّلين والآخرين إلى يوم الدّين.

لا شك ولا ترديد في فضيلة وعلوّ درجة سيدة نساء أهل العالمين فاطمة الزهراء÷ بنت نبيّ الاسلام | علی جميع نساء العالم[1] وعلی اساس آية التطهير[2] والروايات الواردة في وجودها المقدس في كتب الفريقين وأنها احدى مصاديق المعصومين وان شيعة أهل البيت يعتقدون أنّها بعد وفاة النبي| لم يُراعِ الخلفاء حرمتها ولقد أُذيت واُهينت والّتي ودّعت الدنيا بعد مدة قليلة من وفاة ابيها وبحالة مغضبة ومؤلمة للنفس وأوصت إلى زوجها أميرالمؤمنين× أن يدفنها ليلا لئلا يطلع عليها الخلفاء، يقول النووي:

«وأوصت أن تدفن ليلاً ففعل ذلك بها ونزل في قبرها علی والعباس والفضل بن العباس رضي اللَّه عنهم أجمعين.»[3]

وكتب الطبري:

«قالت فاطمة÷: … فاذا اَنا مّت فاغسليني أنت وعلي ولايدخل عليّ أحدٌ. فلمّا توفيت جاءت عايشة رضي اللَّه عنها تدخل، فقالت أسماء: لا تدخلي فشكت إلى ابي‏بكر… فقالت (أسماء(: أمرتني أن لايدخل عليها أحدٌ….»[4]

انّ الشيعة وتابعي أهل البيت^: يقيمون الدليل لرد شرعية خلافة الخلفاء بواسطة عدم بيعة علی× وفاطمة الزهراء÷ ويقولون… في بيعة علی× لهم أنها كانت مفروضة عليه من خلال مواجهتهم له× ولان اثبات هذا الموضوع له مدخلية في اصل اثبات مذهب الشيعة ورد مذهب السنة فلابد أن يحقق ويبين كاملا ومن جهة اخری ان علماء السنة مع معرفتهم بأهمية المقابلة السيئة من الخلفاء مع علي × وفاطمة ÷ واثرها عند المسلمين انهم في صدد انكار ايّ نوع من المواجهات الظالمة واسائة الادب إلى الزهراء ÷ وفي أيّ مكان كان لهم القدرة على الانكار انكروا وادعوا ان الخلفاء كانوا مورد تأييد الأمير والزهراء-عليهما السلام-.

نحن في هذا الكتاب نسعى للجواب بجواب شافٍ وتامٍ مع كمال الاختصار لكي لا تبقى أيّ نقطة مبهمة بحول وقوة الاله، اذ دققنا النظر رأينا ان الذين ينكرون هذه الاهانات والمظالم لم يخرجوا من احدى الطائفتين المذكورتين:

أحدهما الّذين لهم معرفة قليلة وليس لهم اطلاع من الادلة والكتب التاريخية التي عندهم وعند اكابرهم وثانيهما الذين لهم اطلاع من التاريخ الاسود لهذه القضايا وفي نفس الوقت انهم بصدد الانكار و وضع الستار عليها ويدعون ان بيان تلك الحقائق موجب للتفرقة بين المسلمين وبهذه الحيلة يريدون منع دراية وفهم الناس لان مع تبعيد الناس عن الواقعيات يبقون الناس على عقائدهم غير المنطقية.

ونقول للطائفة الاولى أن لا تنغروّا بحيلة كلام القائلين بلا منطق ولا تتهموا عموم الشيعة بالافتراء والكذب لاننا في هذا الكتاب نحقق الموضوع كاملا ونثبته واللازم عليکم أن تطلبوا الحق والحقيقة ونقول للطائفة الثانية اولا جدير ومناسب لكم أن تعترضوا العلماء المورخين منكم بانه لماذا نقلوا هذه المطالب. ولو انهم لم يكتبوا فللَّه الحجّة البالغة وان الحقيقة لن تغطى ابدا مع أنهم ارادوا اخفاء حقائق اخر لكن ظهرت الحقيقة من الاستار الموضوعة وظفر المؤمنون بالحقّ.

ثانيا اننا اذا طرحنا هذا الموضوع انه صرف دفاع في مقابل حملات وتُهم مختلفة من القائلين والمؤلفين المفترين المغرضين من أجل تفرقة المسلمين يشبهون الأمر على الاخوة السنة غير المطلعين ويعرّفون المجتمع الشيعي الموحد بأنّه كافر ومشرك وملحد ويقولون هذه القضايا من جعلياًت الشيعة اذا نحن مضطرون أن نرفع من مظلومية أهل البيت: ونبيّن لاخواننا الطالبين للحقّ المتفرقين في اقطار العالم وأن ندفع سوء الظن والنظرة القبيحة ونثبت انّ الشيعة لم تجعل ايّ مطلب. فقط بينت الواقعيات التاريخية لتنوير الافكار وفي النتيجة ان طرح تلك الافكار علی خلاف قول الطائفة الثانية تكون موجبة للوحدة الاسلامية، نعم كلام الطائفة الثانية اعقل من الطائفة الاولى لانّه نوع احتياًل لانهم يعلمون ان نتيجة الانكار هو تكذيب الكتب الحديثية لهم الّتي يسمونها الصحاح ويعدون بعضها مثل القرآن قطعي الصدور وأخذوا اساس التسنن منها مثل صحيح البخاري الّذي ذكر قضية غضب فاطمة ÷ علی أبي ‏بكر وقطع كلامها[5]، وفي الحال اذا كان مقابلة الخليفةمع الزهراء÷ قليلا وقابلا للاغماض كان من المسلّم أن تعفوا الزهراء ÷ عنه لأنّ القرآن يقول احدى صفات أهل الجنّة في الدنيا انّهم (والكاظِمينَ الْغَيْظِ[6]) وأنّها سيدة نساءأهل الجنّة بموجب ما قاله الرسول| ان في هذا الكتاب دفاع عن مظلومية الصديقة الطاهرة ÷ واثبات الظلم والاهانة على وجودها المقدس من قبل الخلفاء وفي النهاية عدم حقانية خلافة الخلفاء ومذهبهم هذا والكتاب يشتمل على أربع عناوين:

الأوّل: بعض فضائل ومناقب الصديقة الطاهرة من الكتب المعتبرة لأهل السنة.

الثاني: المواجهات الظالمة من الخلفاء مع الزهراء. ÷

الثالث: الشواهد على اعمال التهديدات.

والرابع: استبعادات واسئلة بعض عوام أهل السنة منها. شجاعة وغيرة أميرالمؤمنين × واهانة ناموسه و وجود صحابة رسول اللَّه | وسكوتهم في مقابلة الظلم والاهانة إلى… وزواج الخليفة الثاني مع بنت الزهراء ÷ وكيف يمكن هذا مع ظلم امّها.

القسم الاوّل

نبذة من فضائل ومناقب الصديقة الطاهرة÷  من الكتب المعتبرة لاهل السنة

1- قال النبي: « فاطمة سيدة نساء أهل الجنّة[7]»

2- انّ رسول اللَّه قال: «فاطمة بضعةٌ منّي فمن أغضبها أغضبني[8]»

3- قال رسول اللَّه: «انّما فاطمةٌ بَضعةٌ مِنّى يُؤذينى ما آذاها»[9]

4- قال رسول اللَّه| لفاطمة÷: «انّ اللَّه يغضب لِغضبكِ و يرضى لِرضاكِ»[10]

5- عن زيد بن أرقم، انّ رسول اللَّه | قال لعلی وفاطمة والحسن والحسين: «اَنا حربٌ لِمَن حارَبْتُم و سِلْم لِمَن سالَمْتُمْ».[11]

6- عن أبي بريدة عن أبيه، قال: «كان أحبّ النساء الى رسول‏اللَّه| فاطمة ÷ ومن الرجال عليّ».[12]

7- عن علي× قال: «سمعتُ النَّبيَّ | يقول: «اذا كان يوم القيامة نادى منادٍ من وراء الحجاب، يا اهل الجمع غضّوا أبصاركم عن فاطمة بنت محمّد | حتّی تَمُرّ».[13]

8-عن جابر بن عبداللَّه، قال: قال رسول اللَّه| : انّما سميت بنتي فاطمة لأنّ اللَّه عزّ وجلّ فطمها وفطم محبيها عن النّار.[14]

9- عن عائشة أنّها قالت: «ما رأيتُ أحدا كان أشبه كلاما وحديثا برسول اللَّه | من فاطمة÷ وكانت اذا دخلتْ عليه قام اليها فَقَبَّلها ورَحَّبَ بها وأخذ بيدها فأجلسها في مجلسه وكانت هي اذا دخل عليها رسول‏اللَّه | قامت اليه مستقبلة وقبّلت يده».[15]

10- عن عائشة أنها كانت اذا ذكرت فاطمة بنت النبيّ | قالت: «ما رأيت احدا كان أصدق لهجة منها الّا أن يكون الّذي وَلَّدَها.»[16]

11- وفي حلية الاولياء، قالت عائشة:«ما رأيت أحدا قطّ أصدق من فاطمة غير أبيها».[17]

وفي رواية اخری: «ما رأيت أفضل من فاطمة غير أبيها»[18].

12- عن ابي سعيد قال: لمّا نزلت (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ) دعا رسول‏اللَّه | فاطمة، فأعطاها فدك.[19]

13- عن انس بن مالك وبريدة قال: «قرأ رسول‏اللَّه | هذه الآية: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ) فقام اليه رجل فقال: «أيُّ بيوتٍ هذه يا رسول‏اللَّه؟ قال: بيوت الأنبياء. فقام اليه ابوبكر فقال: يا رسول‏اللَّه هذا البيت منها؟ لبيت علی وفاطمة قال: نعم من أفاضلها»[20].

14- عن انس بن مالك: «أنّ رسول‏اللَّه | كان يمرّ بباب فاطمة رضى‏اللَّه عنها ستة أشهر اذا خرج لصلاة الفجر يقول:

«الصلاة يا أهل البيت ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)».[21]

15- عن ابن‏عباس رضى‏اللَّه عنه قال: «شهدنا رسول‏اللَّه | تسعة أشهر، يأتي كل يوم باب علی بن أبي طالب رضى‏اللَّه عنه عند وقت كلِّ صلاة، فيقول: السلام عليكم ورحمه اللَّه وبركاته أهل البيت ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) الصلاة رحمكم اللَّه، كلّ يوم خمس مرّات».[22]

القسم الثاني

المواجهات الغير المناسبة من الخلفاء مع    فاطمة الزهراء÷

الف – غضب الزهراء ÷ على الخليفة الاوّل

«… عن عائشة انّ فاطمة÷ بنت النبي eأرسلت الى ابي‏بكر تسألَهُ ميراثها من رسول‏اللَّه | ممّا أفاء اللَّه عليه بالمدينة وفدكٍ ومابقى من خمس خيبر، فقال ابوبكر: انّ رسول‏اللَّه eقال لانورث ما تركنا صدقةٌ انّما يأكُلُ آل محمّد eفي هذا المال وانّي واللَّهِ لا اُغيّر شيئا من صدقة رسول‏اللَّه | و عن حالها التّي كان عليها في عهد رسول‏اللَّه | ولأعمَلَنَّ فيها بما عمل به رسول‏اللَّه eفأبى أبوبكرٍ أن يدفع الى فاطمةُ منها شيئا. فَوَجَدَت –   اي غضبت،[23] فاطمة علی ابي‏بكر في ذلك فهجرته فلم تُكلِّمه حتّی تُوُفِّيت وعاشت بعد النّبي eستّة أشهر فلمّا توفّيت دفنها زوجُها علی ليلاً ولم يؤذن بها ابابكر وصلّی عليها».[24]

والنكات كما يلي:

كيف يمكن للنبي اللَّه | أن يبلغ الحكم الالهي لشخص لم يكن مبتلى به ولم يبلغه لشخص مبتلا به يعني يبلغ حكم الارث لغير الوارث وامّا الوارث فلا. لذا نجد ان الفخر الرازي في تفسير الكبير هكذا ينقل استدلال الشيعة:

«أنّ المحتاج الى معرفة هذه المسألة ما كان الّا فاطمة وعلی والعباس وهؤلاء كانوا من أكابر الزهاد والعلماء وأهل‏الدّين وأما ابوبكر فانه ما كان محتاجا الى معرفة هذه المسألة البتة، لأنّه ما كان ممن يخطر بباله أنّه يرث من الرسول عليه الصلاة والسلام فكيف يليق بالرسول عليه الصلاة والسلام أن يبلغ هذه المسألة الى من لاحاجة به اليها ولايبلّغها الى من له الى معرفتها أشدُّ الحاجة.»[25]

ثم لجواب الشيعة يذكر دليلان:

الأوّل: انّ فاطمة(÷) بعد تكلمها مع أبي‏بكر قبلت نظره وقنعت به.

والثاني: انّ الاجماع قائم على صحة نظر أبي‏بكر.

وأمّا جواب الفخر الرازي نقول في جواب دليله: الاول كلا وابدا انّ فاطمة(÷) لم تقبل كلام أبي ‏بكر لانه اذا قبلت كلامه ولم تقبل جعلیته لم تكرر دعواها ابدا كما في صحيح البخاري ومسلم ان الزهراء(÷) كرارا طلبت ميراثها ونذكر نفس العبارة في النكتة الثانية.

ونقول في جواب دليله الثاني كيف يكون الاجماع قائما على صحة نظرية أبي‏بكر وعلي× الّذي كان باب مدينة العلم للنبي اللَّه | كان مخالفا له ولذا خالف ابابكر مع نظريته ورد عليه بالآيات القرآنية الآتية في النكتة الثالثة.

زيادة على ذلك انّ الزهراء – سلام الله عليها- لم تقبل ذلك وسكوت بقية الصحابة في تلك الظروف الخانقة الّتي هُدد فيها علی× والعباس والزبير بالقتل لا يكشف عن رضا الصحابة وقبول كلام أبي ‏بكر.

ثانيا انّ تكرار مطالبة الارث من جانب الصديقة الطاهرة(÷) وغضبها في مقابلة الرواية الّتي نقلها ابو بكر منفردا يُعد تكذيبا لأبي ‏بكر من قبلها واذا كانت تعتقد بصحة كلام أبي‏بكر لم تكذبه فقط بل حسنته وشكرته لنقله كلام النبيّ |.

عن ابن شهاب أخبرني عُروة بن الزبير: … قال: «وعاشت بعد رسول‏اللَّه | ستَّة أشهر قال وكانت فاطمة تسأل أبابكر نصيبها ممّا ترك رسول‏اللَّه­ |…[26]

ثالثا ولو كان ابوبكر صادقا في كلامه للزهراء (÷) لم يحاججه علی×.

عن أبي جعفر× قال: «جاءت فاطمة الى أبي‏بكر تطلب ميراثها وجاء العباس بن عبدالمطلب يطلب ميراثه وجاء معهما علي× فقال أبوبكر: قال رسول‏اللَّه | لانورث، ما تركناه صدقة [وما] كان النبيّ يَقول، فقال علی: «وَرِث سليمان داود وقال زكريا: يَرِثني و يَرِث من آل يعقوب«، قال ابوبكر: هو هكذا وأنت واللَّه تعلم مثل ما أعلم، فقال علی: هذا كتاب اللَّه ينطق فسكتوا وانصرفوا».[27]

جاء في سيرة الحلبي: «وفي كلام سبط ابن الجوزي انّ ابابكر كتب لها بفدك ودخل عليه عمر فقال ماهذا؟ فقال كتاب كتبته لفاطمة بميراثها من أبيها فقال مما ذا تنفق على المسلمين وقد حاربتك العرب كما ترى ثم أخذ عمر الكتاب فشقّه…»[28]

لو كان ابوبكر يعتقد بأنّ فدك لم يكن ملك وأرث فاطمة(÷) لماذا نقض كلامه وكتب سندا مبني على ردّ فدك للصديقة الطاهرة × مع انّ عمر بن الخطاب دخل في هذه القضية وشقها.

كيف يمكن أن يكون هذا الحديث لم ينقله أحد من الصحابة ولم يسمعه إلّا ابوبكر وكلّ من ذكره أسنده إلى ابي‏بكر.

«ما أخرجه ابوالقاسم البغوي و ابوبكر الشافعي في فوائده وابن عساكر عن عائشة قالت لمّا توفى رسول‏اللَّه |… اختلفوا في ميراثه فما وجدنا عند أحد في ذلك علما فقال ابوبكر: سمعت رسول‏اللَّه | يقول: إنّا معشر الانبياء لانورّث ما تركناه صدقة قال بعضهم: وهذا اوّل اختلاف وقع بين الصحابة…»[29]

ب – التهديد باحراق بيت فاطمة(÷)

ابن ابي شيبة استاذ الامام البخاري يكتب:

حدثنا زيد بن اسلم عن ابيه أسلم أنه حين بويع لأبي‏بكر بعد رسول‏اللَّه|كان علي والزبير يدخلان على فاطمة(÷) بنت رسول‏اللَّه| فيشاورونها ويرتجعون في أمرهم، فلمّا بلغ ذلك عمر بن الخطاب خرج حتّی دخل على فاطمة(÷) فقال: يا بنت رسول‏اللَّه  eواللَّه ما من أحد أحبَّ الينا من أبيك وما من أحد أحبَّ الينا بعد أبيك منك، وأيم اللَّه ما ذاك بمانعي إن اجتمع هؤلاء النفر عندك، أن أمرتهم أن يحرق عليهم البيت، قال: فلمّا خرج عمر جاءوها فقالت: تعلمون أن عمر قد جاءني وقد حلف باللَّه لئن عدتم ليحرقنّ عليکم البيت وأيم اللَّه ليمضينّ لما حلف عليه فانصرفوا راشدين، فَرَوا رأيكم ولاترجِعوا إليّ، فانصرَفوا عنها فلم يرجِعوا اليها حتّی بايَعُوا لأبي‏بكر.[30]

ج – امر أبي‏بكر بالحرب ومجي‏ء عمر بقبس من نار إلى بيت فاطمة(÷)

وقال ابن عبدربّه الأندلسي في عِقدالفريد:

فأمّا علی والعباس والزبير فقعدوا في بيت فاطمة(÷) حتّی بعث اليهم ابوبكر عمر بن الخطاب لِيَخرُجوا من بيت فاطمة(÷)، وقال له: اِنْ أَبَوا فقاتِلهم. فأقْبَلَ بقبَسٍ من نار على أن يضرم عليهم الدار[31]،فَلَقِيَتْه فاطمة(÷) فقالت: يا ابن الخطاب، أجئت لتُحرق دارَنا؟ قال: نعم، أو تدخلوا فيما دخلت فيه الاُمّة![32]

د – تحريف الرواية لاجل حفظ ماء وجه الخليفة!

شبيه هاتين الروايتين الماضيتين، ما نقله ابن عبدالبر في الاستيعاب لكنه مع الاسف حرّف عبارة التهديد بالقبس واكتفی بالكناية.

فعن زيد بن أسلم – عن أبيه أنّ عليا و الزبير كانا حين بويع لأبي‏بكر يدخلان على فاطمةرضي اللَّه عنهم فيشاورانها ويتراجعان في أمرهم فبلغ ذلك عمر، فدخل عليها عمر، فقال: يا بنت رسول‏اللَّه| [واللَّه] ما كان من الخلق أحدٌ أحبَّ الينا من أبيك وما أحد أحبَّ الينا بعده منك ولقد بلغني أنّ هؤلاء النفر يدخلون عليک، ولئن بلغني لأفعلنّ ولأفعلنّ، ثمّ خرج وجاؤها، فقالت لهم: إنّ عمر قد جاءني وحلف لئن عُدتُم ليفعلنّ، وأيم اللَّه ليفينّ بها، فانظروا في أمركم ولاترجعوا اليّ، فانصرفوا فلم يرجعوا حتّی بايعوا لابي‏بكر.[33]

ﻫ – الخليفة الثاني قال: لابد لاجل تقوية دين خاتم الانبياء| أن احرق بيتكم

المدائني عن مسلمة بن محارب عن سليمان التيمي، وعن ابن عون:

أنّ أبابكر أرسل إلى علی يريد البيعة فلم يبايع، فجاء عمر ومعه قبس فتلقته فاطمة(÷) على الباب، فقالت فاطمة(÷): يابن الخطاب أتراك محرَّقا علی الباب؟ قال: نعم، ذلك اقوى فيما جاء به أبوك، وجاء علي(×)فبايع وقال: كنت عزمت أن لا أخرج من منزلي حتى أجمع القرآن.[34]

ان عمر أراد أن يقول بهذه العبارة انّي اشخص أن احراق البيت وأهله سببٌ لعلوّ الدين النبوي مع انه كان يعلم ان في البيت بنت النبي وسبطيه وابن عم النبي وزوج ابنته.

انّ علياً × الذي كان سببا للفتح والظفر للاسلام وجيشه، فلابد اليوم ولاجل تقوية النبي| أن يحرق بيته بنظر عمر واصحابه وهذا هو الاقوى عنده.

و – يتخذ ابن الزبير من تهديدات ابي بكر اسوة له

عن حمّاد بن سلمة، قال:

«كان عروة بن الزبير يعذر أخاه اذا جرى ذكر بني هاشم وحصره إيّاهم في الشعب وجمعه لهم الحَطب لتحريقهم، ويقول: انّما أراد بذلك إرهابهم ليدخلوا في طاعته كما ارهب بنوهاشم وجمع لهم الحطب لاحراقهم اذ هم اَبَوا البيعة فيما سلف».[35]

وقال المسعودي:

«كان عروة بن الزبير يعذر أخاه عبداللَّه في حصر بني ‏هاشم في الشعب وجمعه الحَطَب ليحرقهم ويقول: انّما اراد بذلك ألّا تنتشر الكلمة، ولا يختلف المسلمون، وأن يدخلوا في الطّاعة فتكون الكلمة واحدة، كما فعل عمربن الخطاب ببني هاشم لمّا تأخّروا عن بيعة أبي‏بكر، فإنّه أَحضَرَ الحطب ليُحرِّق عليهم الدّار».[36]

ز – اهانة وتعرض أبي‏بكر الى الصديقة الكبرى(÷) بحضور صحابة النبي|

كتب ابن ابي الحديد:

انّ الزهراء(÷) جائت الى المسجد النبوي النبي |لاخذ حقوقها المسحوقة من قبل أبي‏بكر وخطبت كما جاء في الكتب المعتبرة وهذه الخطبة كانت ثقيلة على أبي ‏بكر لذا رقی المنبر.

فلمّا سمع أبوبكر خُطبتَها شقّ عليه مقالتها فصعد المنبر وقال: اَيِّهَا النّاس، ما هذِه الرِّعة الى كلّ قالة! أين كانت هذه الأمانيّ في عهد رسول‏اللَّه | ألا مَن سمع فليقل، ومن شهد فليتكلّم، انّما هو ثعالة شهيده ذنبه، مُرِبّ لكلّ فتنة هو الّذي يقول: كرّوها جذعة بعد ما هرمت، يستعينون بالضعفة ويستنصرون بالنِّساء كأم طحال أحبّ أهلها اليها البغي… .

قال ابن ابي ‏الحديد:

«قرأت هذا الكلام على النقيب ابي يحيى جعفر بن يحيى بن أبي زيد البصري وقلت له: بمَن يعرّض؟ فقال: بل يصرّح! قلت: لو صرّح لم أسألك. فضحك وقال: بعلي بن أبي‏طالب × قلت: هذا الكلام كلّه لعلي يقوله! قال: نعم، انه المُلك يا بُنيّ، قلت: فما مقالة الأنصار؟ قال: هتفوا بذكر عليّ فخاف من اضطراب الأمر عليهم…»[37]

هل كان من الحري أن يهان اهل البيت: و ودائع رسول اللَّه | في حقهم بالعداوة والكلمات الركيكة؟!

ح – ما الذي حدث وفرّق جماعة الباكين وفاطمة(÷) تندب اباها بصوت عال!

جاء في كتاب ابن قتيبة:

«انّ ابابكر رضي‏اللَّه عنه تفقّد قوما تَخَلَّفُوا عن بيعته عند علي كرّم اللَّه وجه فبعث اليهم عمر، فجاء فناداهم وهم في دار علي، فأبوا أن يخرجوا فدعا بالحَطَب وقال: والّذي نفس عمر بيده لتخرجنّ او لأحرقنّها على من فيها، فقيل له يا أباحفص. إنّ فيها فاطمة؟ فقال: وإن، فخرجوا فبايعوا إلّا علياً فانّه زعم أنّه قال: حلفت أن لا أخرج ولا أضع ثوبي على عاتقي حتّی أجمع القرآن، فوقفت فاطمة رضى ‏اللَّه عنها على بابها، فقالت: لاعهد لي بقوم حضروا أسوأ محضر منكم، تركتم رسول‏اللَّه | جنازة بين أيدينا، وقطعتم أمركم بينكم، لم تستأمرونا، ولم تَردُّوا لنا حقّا. فأتى عمر أبابكر، فقال له: ألا تأخذ هذا المتخلّف عنك بالبيعة؟ فقال ابوبكر لقنفذ و هو مولى له: اذهب فَادعُ لي علياً، قال فذهب إلى علي فقال له: ما حاجتك؟ فقال يدعوك خليفة رسول‏اللَّه، فقال علي: لسريع ما كذبتم على رسول‏اللَّه. فرجع فأبلغ الرسالة قال: فبكى أبوبكر طويلا. فقال عمر الثانية لاتمهل هذا المتخلّف عنك بالبيعة، فقال ابوبكر رضي‏ اللَّه عنه لقنفذ: عد اليه فقل له: خليفة رسول‏اللَّه يدعوك لتبايع، فجاءه قنفذ فأدّى ما أمر به، فرفع عليّ صوته فقال: سبحان‏اللَّه؟ لَقَدِ ادَّعى ما ليس له، فرجع قنفذ، فأبلغ الرسالة، فبكى ابوبكر طويلا، ثمّ قام عمر، فمشى معه جماعة حتّی أتوا باب فاطمة، فَدَقَّوا الباب، فلمّا سَمِعَت أصواتهم نادت بأعلى صوتها: يا أبتِ يا رسول‏اللَّه ما ذا لقينا بعدكِ مِن ابن الخطاب وابن أبي‏ قحافة، فلمّا سمع القوم صوتها و بكائها انصرفوا باكين وكادت قلوبهم تَنْصَدِع وأكبادهم تَنْفَطَر و بقي عمر ومعه قوم، فأخرجوا علياً، فَمَضَوا به إلى ابي‏ بكر…[38]                                                                                             للبحث صلة

 

1-  قال النبي | فاطمة سيدة نساء أهل الجنة÷، صحيح البخاري، كتاب فضائل اصحاب النبي | باب مناقب قرابة رسول اللَّه ومنقبة فاطمة÷ 5/25

[2]– الاحزاب/  33

[3]  –   تهذيب الأسماء واللغات، القسم‏الثاني من كتاب الأسماء في النساء، فاطمة الزهراء÷، رقم   353/2 755

[4]  –   ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى، ذكر وصيتها إلى اسماء بنت عميس بما تصنعه بعد موتها، ص   53

[5] –   صحيح البخاري، كتاب المغازي، غزوة خيبر، 5 /177

[6]  –   آل عمران/  134

[7] –   صحيح البخاري، كتاب فضائل اصحاب النبي |، باب  61و  42و مناقب فاطمة÷ 96/5

[8] –   صحيح البخاري، باب مناقب قرابة رسول‏اللَّه | و منقبة فاطمة÷  82/5

[9]– صحيح مسلم، كتاب فضائل الصحابه، باب فضائل فاطمة بنت النبي | 1903/

[10] – المستدرك على الصحيحين، كتاب معرفة الصحابه، ذكر مناقب فاطمة بنت رسول‏اللَّه |167/3

[11] –   سنن الترمذي، كتاب المناقب، فضل فاطمة بنت محمّد |699/5 ح  3870وبهذا المضمون في مسند احمد بن حنبل، مسند ابى هريره، ح  3،9405/187والاصابة في تمييز الصحابة، كتاب النساء، في شرح حال فاطمة÷   378/4

[12]  –   المستدرك على الصحيحين، كتاب معرفة الصحابة، ذكر مناقب فاطمة÷ بنت رسول‏اللَّه |،  168/3و بهذا المضمون في سنن الترمذي، باب فضل فاطمة÷  …3ح  – 3883ص   1008جدير بالذكر ان نلفت نظر محبّي العلم والتحقيق ان الروايتين الخامسة والسادسة موجودتان في الطبع القديم لكتاب الجامع للترمذي واما صحيح سنن الترمذي الذي طبع تحقيق محمد ناصر الدين الالباني فمحذوفة منه

[13]  –   المستدرك على الصحيحين، كتاب معرفة الصحابة، ذكر مناقب فاطمة بنت رسول‏اللَّه |،  – 8  166/3

[14]  –   الفردوس بمأثور الخطاب، حرف الالف، ح  346/1 1385وقريب بهذه العبارة في الصواعق المحرقة، باب  11في فضل أهل البيت، الفصل الاول، ص  160من قول النسائي.

[15]  –   المصدر السابق،  174/3و قريب الى هذا التعبير عقد الفريد، كتاب الدرة في النوادب والتعازي والمراثي، القول عند الموت،     231/3

[16]– المستدرك على الصحيحين، كتاب معرفة الصحابه، ذكر مناقب فاطمة بنت رسول‏اللَّه |وسلّم،   175/3

[17]  –   حلية الاولياء، طبقات الاصفياء، ذكر النساء الصحابيات،  133فاطمة بنت رسول‏اللَّه |،   42/2

[18] –   المعجم الأوسط، للطبراني رقم   349/3 2742

[19]  –   الدر المنثور في التفسير المأثور، في ذيل سورة الاسراء/  320/4 – 26

[20]  –   الدرّ المنثور، ذيل سورة النور/ 91/5 – 36وتفسير روح المعانى ذيل الآية الشريفة  – 13  174/6

[21] – المستدرك على الصحيحين، كتاب معرفة الصحابة، ذكر مناقب فاطمة بنت رسول‏اللَّه |،  – 14  172/3

[22] – الدرّ المنثور، سورة الاحزاب/  378/5 – 33

 

[23]– إرشاد السّاري، كتاب المغازي، باب  38ح  .244/9 4241 – 4240وفي كتاب طبقات الكبرى: «فغضبت فاطمة» ذكر بنات رسول‏اللَّه |  28/8وايضا مسند احمد بن حنبل، مسند ابي بكر، ح   18/1 54

[24]  –   صحيح البخاري، كتاب المغازي، باب غزوة خيبر،  252/5وايضا كتاب الخمس، باب فرض الخمس، حديث الثاني،  504/4وايضا البداية و النهاية، لابن كثير، باب بيان انه 7قال لانورث،  306/5وايضا صحيح مسلم، كتاب الجهاد والسير، باب  16قول النبي | «لانورث ما تركنا فهو صدقة»، ح  1380/3 1759وايضا الطبقات الكبرى، ذكر ميراث رسول اللَّه | وما ترك،  214/2وايضا، السنن الكبرى للبيهقى، كتاب قسم الفي والغنيمة، باب بيان مصرف أربعة الخمس،  300/6وايضا الصواعق المحرقة لابن حجر الهيتمي، الفصل‏الثاني في بيان انعقاد الاجماع على ولاية (ابي‏بكر)، ص  14وايضا قريب بهذا المضمون في مسند احمد بن حنبل،  13/1وايضا كنزالعمّال، كتاب الخلافة مع الامارة، الباب‏الاوّل في خلافة الخلفاء، ح   604/5 14069

 

۱  –   التفسير الكبير، ذيل آية  11سورة النساء،   210/9

۱  –   صحيح البخاري، كتاب الخمس، فرض الخمس، ح  504/4 1265و صحيح مسلم، كتاب  32الجهاد والسير، باب  16قول النبي | «لانورث ما تركنا فهو صدقة»، ح  1381/3 54و أيضا خطبة فدك من الزهرا (÷) مشهورة ومعروفة كما ذكر ابن ابي‏الحديد في شرح كتاب   218/16 45

۲  –   كنزالعمّال، كتاب الخلافة مع الاماره، الباب‏الاول في خلافة الخلفاء، خلافة ابي‏بكر، ح  625/5 14101وايضا الطبقات الكبرى، ذكر ميراث رسول‏اللَّه | وما ترك،   315/2

۴ –   السيرة الحلبية، باب يذكر فيه مدّة مرضه وما وقع فيه ووفاته |،  488/3والاصول من الكافي، كتاب الحجّة، باب الفي‏ء والانفال وتفسير الخمس وحدوده وما يجب فيه، ح  543/1 – 5و شرح نهج‏البلاغة لابن ابي‏الحديد… الفصل الثالث في أنّ فدك هل صح كونها نحلة،   274/16

۱  –   الصواعق المحرقة، الباب الاول، الفصل الخامس في ذكر شبه الشيعة والرافضة، الرابعة، ص  33و   34

۲ –   المصنَّف، لابن ابي شيبة، كتاب المغازي، باب ما جاء في خلافة ابي‏بكر، ح 572/8 ،4وايضا كنزالعمّال، كتاب الخلافة مع الامارة، الباب الاوّل في خلافة الخلفاء، مسند عمر، رقم  651/5 ،14138وايضا شرح نهج البلاغة، لابن ابي‏الحديد، شرح خطبة   45/2 26

۱  –   القَبَسْ، بفتحتين شعلةٌ من نار، مختار الصحاح للرازي، ص  518

۲  –   العِقد الفريد، كتاب العسجدة الثانية في الخلفاء وتواريخهم وأيّامهم، الّذين تخلّفوا عن بيعة أبي‏بكر،   259/4

۳  –   الاستيعاب، باب حرف العين، الرقم  1651شرح ترجمة عبداللَّه بن ابي قحافة (ابي‏بكر) –   99/3

۴-   أنساب الأشراف للبلاذري، أمر السقيفه،   770/2

۱ –  مروج الذهب‏للمسعودي، ذكر ايام معاوية بن يزيد، رقم   276/3 1943

۲  –   شرح نهج البلاغة، شرح حكمة  461تحت عنوان: «عبداللَّه بن الزبير وذكر طرف من أخباره»   147/20

۱ –   شرح ابن ابي‏الحديد، شرح كتاب [45ذكر ما ورد من السِيَر والأخبار في أمر فدك]  215/16

۱  –   الامامه والسياسة، كيف كانت بيعة علی بن ابي طالب × ص  20

 

دیدگاهتان را بنویسید